أخبار لبنانية

الجماعة الاسلامية وحزب الله: أين يلتقيان وأين يفترقان؟

كان لافتا أخيرا نشر الجماعة الاسلامية خبر استقبال امينها العام الشيخ محمد طقوش لوفد من حزب الله برئاسة رئيس المجلس السياسي في الحزب السيد ابراهيم امين السيد، وذلك لتهنئة الامين العام للجماعة بانتخابه للامانة العامة، ورغم ان نشر هذا الخبر جاء في سياق نشر أخبار استقبالات الامين العام للجماعة لتهنئته من قبل وفود حزبية واسلامية، فان مجرد نشر هذا الخبر فانه يؤكد أن الجماعة لم تعد تتحفظ عن اعلان اخبار لقاءات الجماعة مع الحزب وتأكيد التواصل بينهما.

ولا بد من الاشارة الى انه سبق للشيخ محمد طقوش أن كشف اخيرا خلال لقاء اعلامي ان العلاقات بين الحزب والجماعة تسير نحو الافضل وانه سبق ان عقد لقاء مطول بين الامين العام السابق للجماعة الاستاذ عزام الايوبي والامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وان العلاقات بين الجماعة والحزب لم تنقطع طيلة السنوات السابقة وانه كانت تجري مناقشات لتقييم المرحلة السابقة والبحث في النقاط المشتركة.
لكن حرص الجماعة على نشر خبر اللقاء القيادي مع الحزب يؤكد ان هناك مرحلة جديدة في العلاقة بين أهم تنظيمين اسلاميين في لبنان ، ورغم ان الجماعة تأسست منذ اكثر من ستين سنة في لبنان وكانت تعتبر انها اهم واقوى تنظيم اسلامي في لبنان ، فقد نجح حزب الله خلال الاربعين سنة الماضية بان يتحول للتنظيم الاسلامي الاقوى والاكثر انتشارا وان يصبح قوة اقليمية فاعلة.
وقد ربطت الحزب بالجماعة علاقات وثيقة خلال السنوات الاربعين الماضية وتعاونا على صعيد تأسيس المقاومة الاسلامية وشاركا في انشاء تجمع العلماء المسلمين واقامة المؤتمرات الاسلامية الوحدوية والقيام بالكثير من المبادرات الاسلامية وتأسيس المؤتمر القومي الاسلامي ، لكن في السنوات العشر الاخيرة برزت بعض الخلافات بينهما بسبب الاحداث في سوريا والموقف من الثورات العربية وبعض التطورات اللبنانية الداخلية ولاسيما منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري واحداث ايار في العام 2008.
ويبدو ان الحزب والجماعة قد تجاوزا اليوم الكثير من الاشكالات والخلافات بينهما ويتجهان الى مزيد من التواصل والتعاون في المرحلة المقبلة ، وتشير مصادر مواكبة للعلاقة بينهما الى ان هناك عدة قضايا وملفات تجمعهما ومنها: حماية الوحدة الاسلامية ومواجهة الفتنة المذهبية ، التعاون في مجال المقاومة ودعم المقاومة الفلسطينية ومواجهة مشروع التطبيع بين بعض الدول العربية والعدو الصهيوني ، ملف القضايا الاجتماعية والقيمية والاسرية في لبنان والعالم العربي وحماية الاسرة ومنع صدور قوانين تخالف الشريعة الاسلامية ، حماية ودعم اتفاق الطائف واستكمال تطبيقه ، مواجهة الفساد الداخلي ودعم الاصلاح وانتخاب رئيس توافقي.
وفي المقابل فان هناك بعض التباينات مستمر بشأن مقاربة الملف السوري والعلاقة مع النظام السوري ، فالجماعة لا تزال مصرة على رفض اية علاقة مع النظام في سوريا بانتظار الوصول الى تسوية كاملة ، في حين ان الحزب يحتفظ بعلاقات استراتيجية مع النظام وشارك في دعم النظام في السنوات الماضية ، كما انه قد تبرز بعض الخلافات في كيفية مقاربة بعض التطورات الاقليمية والدولية.
لكن رغم استمرار بعض التباينات بين الحزب والجماعة ، فان الملفات التي تجمعهما اصبحت اقوى من الخلافات بينهما ، ولذلك لم يعد لدى الجماعة أي تحفظ في الحديث العلني عن اللقاءات والاجتماعات المشتركة بينهما مع احتفاظ كل تنظيم بمواقفه السياسية وبروز بعض الخلافات احيانا في مقاربة بعض الملفات الداخلية او الخارجية.
فهل ستعود العلاقة بين أهم واكبر تنظيمين اسلاميين في لبنان الى سابق عهدها كما كانت الامور في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي ؟ وهل يمكن ان تشكل هذه العلاقة مدخلا لاعادة تقوية علاقة حزب الله بحركة الاخوان المسلمين في كل الدول العربية؟
قد تكون التحديات المقبلة، سواء في لبنان او في العالم العربي والاسلامي ، ولا سيما تطورات القضية الفلسطينية والمخاطر التي تواجهها المجتمعات الاسلامية والتحديات التي تواجه الحركات الاسلامية والمتغيرات الدولية والاقليمية سببا مهما لاعادة هذه العلاقات الى سابق عهدها ، وقد نشهد في القريب العاجل المزيد من اللقاءات والاجتماعات على اعلى مستوى بين الجماعة الاسلامية وحزب الله ، وصولا لتعميق العلاقة بين الحزب وكافة الحركات الاسلامية في العالم العربي والاسلامي.
الكاتب . قاسم قصير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock