منوعات

أبو عبيدة يبدد “يأس” الشارع السني اللبناني: تداعيات “طوفان الأقصى” تُفيد حزب الله

في السنوات الماضية، وما بعد العام 2005 تحديداً، بدأت تعاني الساحة السنية في لبنان من غياب الوجوه القيادية البارزة، ففي الماضي لطالما تغنّى سنّة لبنان بشخصيات رئاسية عربية لها وزنها وثقلها في العالم، مثل جمال عبد الناصر، وصدام حسين الذي لا يزال حتى اليوم “الشخصية السنّية” الأكثر حضوراً في الشارع السني رغم كل ما مرّ عليها بعد الدخول الأميركي الى العراق.

قبل العام 2005، لم يكن يشعر السنة في لبنان باليُتم، فكان هناك رجل بحجم رفيق الحريري، يمكن لهم تسميته “بالزعيم” السني، بعيداً عن كل النقاش الذي حصل ويحصل حول هذه الشخصية ودورها، وهو ما فقدته الطائفة السنية باغتيال الحريري الأب، ولم يتمكن الحريري الإبن من تعويضه بالكامل، لكنه تمكن من سدّ فراغ والده ولو بشكل جزئي، إنما مع خروج سعد الحريري من الحياة السياسية تلقّت الطائفة السنية في لبنان الضربة القاضية.

بعد هذا الشعور باليُتم من قبل طائفة “عربية، مقاومة، لطالما كانت، دون تدخلات سياسية عربيّة وغربية، بصف المقاومة ضد اسرائيل. وقعت احداث غزةّ، وأبطالها حركة حماس، حركة المقاومة الإسلامية السنية العربية التي أذلّت تل أبيب، الأمر الذي أعاد معنويات الشارع السني في لبنان الى الارتفاع، وجعله يتحرك امام دار الفتوى لمنع زيارة السفيرة الأميركية دوروثي شيا الى المفتي، في خطوة لافتة فقدها الشارع السني منذ زمن.

كل هذا الواقع، جعل صور أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام الجناح العسكري لحركة “حماس”، تنتشر في شوارع بيروت، بعضها مذيّل بتوقيع “شباب بيروت”، وجعل أبناء الطريق الجديدة يدافعون عن هذه الخطوة على وسائل التواصل، فأعطت صور أبو عبيدة، مؤشراً على واقع جديد تمر به الساحة السنية، التي وجدت نفسها أمام حاجة ماسة للتعبير عن تضامنها مع القضية الفلسطينية، سواء من خلال التحركات ولو القليلة، المواقف السياسية التي أبرزت وجوهاً خلال الفترة الماضية، أو من خلال “محبّة” شخصية لها دورها ووزنها في الصراع، في ظل حالة الفراغ التي تمر بها منذ غياب رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عن الحياة السياسية.

بات أبو عبيدة “الناطق باسم الأمة”، بالنسبة الى الشارع السني الذي لم يتمكن أحد من السيطرة عليه بعد رحيل سعد الحريري، رغم كل المحاولات التي حصلت من خارج البيت السني، من خلال أحزاب كبرى، أو من داخل البيت السنّي حيث حاول كثيرون بناء زعامات سنية وفشلوا في السنوات الثلاث الماضية. وما فشل به كثر نجح به أبو عبيدة دون أيّ مجهود يُذكر، إذ تبين أنّ الشارع السني متعطش للانتصارات.

يتماهى هذا الشارع في لبنان بشكل شبه كامل مع الحدث الفلسطيني، بعيداً عن الروايات التي ترى أن ما حصل ويحصل في غزة هو مشروع يخدم إيران، ويساعد على هذا الأمر الموقف العربي الذي، رغم كل ما يُقال في الخفاء، لم يذهب في العلن إلى تكرار العبارات التي عرفتها حرب تموز من العام 2006، حين كان الحديث عن مغامرة أقدم عليها “حزب الله”.

إن المعركة في فلسطين المحتلة، جعلت من الصعب على الشارع السني في لبنان عدم تأييد عمليّات المقاومة على الحدود الجنوبيّة أيضاً، ولو بكثير من التحفّظ، وهذا أيضاً إنجاز للعاملين على خط الوحدة الإسلامية، فما يجري في فلسطين أعاد تصويب البوصلة باتجاه العدو الأساسي، فالقدس لن تتحرر بحال لم يكن العرب خلف حركة التحرير، وهذا الأمر يناسب حزب الله أيضاً وإيران، رغم بعض الأصوات المنتقدة هنا وهناك، إذ أعادت الحرب على غزة تحريك الشارع السني العربي بعد أن كاد أن ينغمس في عملية “التطبيع” مع اسرائيل

النشرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock