صيدا والجنوب

غيا عرابي… لبنانية من ذوي الاحتياجات تبرع في الحلويات

Al Araby Al Jadeed
غيا عرابي… لبنانية من ذوي الاحتياجات تبرع في الحلويات
قضايا وناس
بيروت
سارة مطر
29 ابريل 2023
Facebook
Twitter
WhatsApp
Share
محلّ الحلويات الأهم والأحب إلى قلب غيا (حسين بيضون)
+
الخط

بشغف وحماس كبيرين، تفتح غيا عرابي باب محلّها الزهريّ الصغير في منطقة الهلالية بمدينة صيدا جنوب لبنان. تحمل حقيبتها، وتلقي التحية على الموظفين، ثم تنطلق في أداء مهمات نهارها الطويل. غيا، ابنة السادسة والعشرين عاماً التي تعاني منذ صغرها من تأخر في النمو الفكري والحركي، لا تتوقّف عن الحركة ولا تفارق البسمة وجهها. تتنقّل كالفراشة في أرجاء محلّها المتخصّص في إعداد الكيك وأصناف أخرى من الحلويات، وتعبّر بطريقتها الخاصّة عمّا يختلجها من مشاعر وأحاسيس في مكان تحب أن تتواجد فيه، ويشبه شخصيتها التي أرادت عائلتها دائماً أن تتطور وتتفاعل أكثر مع محيطها لتعزيز فرصها في تخطي عقبات وضعها الخاص.
أمام عدسة الكاميرا تبتسم غيا وتعبّر بكلمات وجيزة عن عشقها لمحلّها الذي يحمل اسمها (Ghia’s Cakery) وتقول لـ”العربي الجديد”: “أتواجد كلّ يوم في المحل، من الصباح حتى المساء، أبقى مع لين (إحدى الموظّفات)، وأنا أحبّ أن أعمل في صنع الحلوى والبيع، وأساعد أمّي والموظّفين في البحث عن أفكار لتزيين الحلوى بحسب المناسبات التي تختلف من أعياد الميلاد الشخصية إلى عيد الأم وعيد العشّاق وعيد المعلّم وشهر رمضان وعيد الفطر والميلاد المجيد ورأس السنة وغيرها”.
ولأن غيا تعشق الرقص والأغاني والموسيقى العربية والأجنبية، تواظب على الاستماع لفنّانيها المفضّلين، بينهم إليسا ووائل كفوري ونانسي عجرم. ومن هواياتها المحببة أيضاً لعب كرة السلة وتركيب أحجية الصور المقطّعة (Puzzle)، ومشاهدة قنوات “يوتيوب”، وهي تهتم بألعاب وتطبيقات الهاتف الخليوي ووسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما “إنستغرام” و”تيك توك”، وكذلك التسوّق وتحب العديد من المأكولات والحلويات.

لم نستسلم يوماً
ربما كانت غيا، غاية والدتها وسيمة البابا وهدفها الأسمى، كما يوحي اسمها في معجم لسان العرب. فمنذ أن عرفت الحالة الصحية لابنتها حتى باشرت رحلة علاجها، وتابعت تطوراتها بعناية ورعاية كبيرة. ولم تترك الوالدة طبيباً أو معالجاً نفسياً أو متخصصاً في مجال النطق والعلاج الوظيفي وغيره إلا وطرقت بابه وقصدته، علّها تساهم في تعزيز النمو الفكري والعاطفي والحركي لغيا.

الصورة
هدف عائلتها أن تعيش غيا بفرح وسعادة (حسين بيضون)
هدف عائلتها أن تعيش غيا في فرح وسعادة (حسين بيضون)
وتروي لـ”العربي الجديد” أنها كانت تعمل مديرة في أحد المصارف اللبنانية، قبل أن تضطرّ إلى تقديم استقالتها وتلتحق بزوجها إلى مكان عمله في السعودية، بسبب تحقيق رغبتها في جمع العائلة، خصوصاً أنّ غيا شديدة التعلّق بوالدها، وتقول: “تركت لبنان عام 2008 حين كانت غيا في الـ11 من العمر تقريباً، بعدما تأكّدتُ من وجود مدرسة متخصصة بذوي الاحتياجات الخاصة حيث يعمل زوجي، خصوصاً أنّ غيا كانت سعيدة في مدرستها في لبنان، حيث كانت انضمت إلى قسم متخصّص في التعامل مع حالتها، ما دفعني إلى التريّث في اتخاذ قرار السفر”.
تضيف: “تعذّبت في الفترة الأولى من وجودي في السعودية، لأنني لم أكن معتادة على ملازمة المنزل، كما عانيت من بعض حالات التنمّر وعدم تقبّل الآخرين الوضع الخاص لغيا، رغم أننا كنّا نعيش ضمن مجمّع سكني للأجانب. وقد حرصتُ على احتضانها ومرافقتها دائماً حتى تقبّلنا المحيطون بنا من كبار وصغار وضعها، وانخرطَتْ هي بدورها ضمن بيئتها الجديدة”.
وتتذكر وسيمة أن ابنها طارق البالغ 23 عاماً كان يدافع عن شقيقته غيا حين كان في عمر 8 سنوات، “فهو كان يحتضنها ويواجه المتنمّرين، حتّى أنّ كثيرين تعرّفوا عليّ من خلال تصرفاته الجيدة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock