أخبار لبنانية

تحديد دور لبنان الإقليمي يمهّد لاستقراره السياسي

نقولا الشدراوي-

عند انسحاب الجيش السوري من لبنان في أيار 2005، تساءل البعض هل سوف يستطيع اللبنانيون حكم أنفسهم بأنفسهم بعد 30 سنة من السيطرة السورية المباشرة على مختلف أوجه الحياة السياسية والعسكرية والإقتصادية في لبنان ؟

كان الأمل كبيراً في ذلك ، لا بل كنا نظن أننا بتنا مستعدين ، كلبنانيين ، لأن نتحمل هيمنة أي فريق لبناني علينا ، كونه يبقى أفضل من أي سيطرة غير لبنانية على البلد .

للأسف ، أثبتت الأحداث ، مُذذاك، أن لبنان ذاهب ، مرة أخرى، للتلزيم إلى فريق إقليمي أو أكثر عندما يحين أوان تثبيت الإستقرار الإقليمي ، لأنه قد ثبت أن أغلب الأفرقاء اللبنانيين يتلقون التعليمات والإيحاءات بالإضافة إلى التمويل من جهات إقليمية مختلفة ومتناقضة غالباً في سياساتها ، ما يجعل الإستقرار السياسي اللبناني أمراً إستثنائياً يتحقق فقط عندما يتوافق الأفرقاء الإقليميون عليه.

هل يعي السياسيون خطورة هذا الواقع؟
وهل هم مستعدون للإنقلاب عليه أم سيبقون مستسلمين لأمره؟
هل سيبقى بعض الزعماء بُعداً خارجياً في لبنان؟
أم سيحاولون أن يكونوا بُعداً لبنانياً في الخارج كما دعا إلى ذلك الرئيس العماد ميشال عون أكثر من مرة منذ التسعينات؟
ماذا لو حاولوا التوفيق بين السياسات الإقليمية أقلّه على الساحة اللبنانية؟
ماذا لو أقنعوا حلفاءهم الإقليميين أن الإستقرار السياسي اللبناني هو مصلحة لهم جميعاً إضافةً إلى كونه مصلحة لبنانية ؟
فلبنان يستطيع إذا ما استقرّ سياسياً، أن يلعب دوراً إيجابياً على الساحة الإقليمية والدولية ، نظراً لتنوّع مكوَناته وعلاقة كل مكوّن مع دول وجهات مختلفة ، ما يؤهّله لأن يكون وسيطاً لحل النزاعات أو مقرِّباً لوجهات النظر ، أشبه بالدور الذي تلعبه اليوم دول صغيرة مثل عُمان أو قطر .

إن التأزّم المستدام الحاصل في مؤسسات لبنان السياسية وفي إعادة إنتاج السلطة فيه كلما آن أوان تداولها ، أكان في رئاسة الجمهورية كل 6 سنوات ، أو في رئاسة الحكومة وتشكيل الحكومات ، ليس إعجازاً علميّاً ولا تعقيد ماورائيّاً لكي لا يستطيع المعنيّون إيجاد الحل المناسب له، فالحل موجود ، وهو كفيل بإرضاء الجميع ، في الداخل والخارج ، إذا بُني على أساس توازن موازين القوى القائم حالياً في مجلس النواب اللبناني، عاكساً توازن هذه الموازين في السياسة ، كما في التمثيل الشعبي .

إذا سلّمنا بهذا الأمر ، يصبح إيجاد الحل سهلاً ومتوازناً بين الفريقين المتخاصمين ، ويفترض المنطق حينئذٍ أن يتم التوافق على أن تكون رئاسة الجمهورية لفريق ورئاسة الحكومة لفريق ، ويتعاون الفريقان في تشكيل الحكومة ونهوض البلد من جديد ، وعلى كل فريق أن يقنع مرجعيته الإقليمية بهذا الحل الواقعي الوحيد.

فماذا ينتظرون؟

*كاتب سياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock