اقلام وافكار حرة

أيّها المُرْتَقون إلى المَوْت ، أَنْتُم السَّابقُون ونَحْنُ اللّاحِقون.

لبنانيّون..
غرقوا في لجِّ القهر والفقر، وضّبوا أحلامهم المحترقة، لعلهم تلك الليلة اعتقدوا أنّ البحر سيطفئ لهيبها، صوبَ هذا البحر يمّموا شطورهم، ما خلف المدى؟
أيّ شيء إلاّ الذلّ..
صدى غدٍ جديد؟
ربمّا لا…
ولكنّ بصيص الأمل يستحيل فجرًا من إقدام….ماذا لو كان موتًا تسيرون إليه على الأقدام؟
كلّنا للوطن والوطن ليس لنا..كلّنا للعلم ولا أحد يعلمُ ما بنا..
نحن الأحياء في بَرِّ بلاد زعماؤها تآلبوا عليها، تكالبوا على خنقها، تآلفوا على حصارها، توافقوا على نحرها، فسادُهم نَخَرَها، غيّهم ذبحها، طغيانهم طغى على دعسات صغارها، شبابها شيبٌ من هموم، أمعاء خاوية، أمهات عاجزات، آباء مكسورون، أبناء مهزومون وهم في ربيع انتصار أعمارهم، ذبلوا قبل الخريف، وفي منتصف الطريق علقوا…..

هي مراكب الموت من جديد ترسم المشهدية في لبنان….وطنُ الحرف الذي صدّر للعالم الأبجدية..
ها هي جثث أبنائه على الشطآن مرمية..
وفي الأعماق تلوّن الأزرق بالأحمر القاني…..

عذرًا يا كتاب التربية…خطأ مطبعي..ورد فيك: علم لبنان هو علم أبيض يعكس لون الجبال المكللة بالثلوج، تتوسطه أرزة خضراء رمز الصمود، ويحده من الجانبين اللون الأحمر لون الدم الذي بذله الشهداء ليذودوا عن وطنهم…

مُصَحّح: علم أبيض يمثل لون الأكفان التي يحملها اللبنانيون على أكتافهم، تتوسطه أرزة خضراء تمثل أسطورة وطن لم يتمكن كل فقهاء علم الإجتماع من فك شيفرة فساد حكّامه، يحده من الجانبين اللون الأحمر رمز دماء مواطنيه المهدورة المسفوكة….

مراكب الموت….
وا أمّاه وا أبتاه وا أختاه وا ولداه….
بحرُ الفيحاء إستحال بيداء….
لبنانيون مع وقف تنفيذ البقاء…
أي عتمٍ يكتنف الأرجاء…
آخٍ من الأرض عبر البحر إلى السّماء..
والموتُ موتٌ….
غرقى قتلى أم غرقى قَتَلَة؟؟؟؟
لا فرق….
بيارقُ النعوش ترفرف على امتداد البحر الأبيض المتوسط، تلملم أشلاء اللبنانيين المسجّاة في شطآن الغربة…وطنهم لفظهم، واليمّ أغرقهم، غادروا سائرين سابحين سائلين آملين وعادوا محمولين صامتين….
أيّ ليل هو ذاك الذي ادلهم عليهم وهم يهربون؟ ولمَ أشرقت الشمس على نعوشهم وهم عائدون؟

أيّ وجع بعد؟؟
وأي ألمٍ ألمَّ بإنسانيتنا؟؟؟ نترقب أرقام القتلى…..لا…..أرقام الشهداء….أيها المرتقون إلى باريكم أنتم السّابقون ونحن اللّاحقون… وحتى اللقاء….نحن لبنانيون على قيد الموت…..

وبعد…..
فاجعة جديدة ضربت عضد المجتمع اللبناني مع غرق العشرات من اللبنانيين في مركب موت ثالث لن يكون الأخير في ظل إصرار على الإبحار غير الشرعي هربًا من الضائقة الإقتصادية والإنهيار الإجتماعي الأشد الذي يشهده لبنان.

إنسانيًّا: قمة التعاطف مع هذه القضيّة..ولكن، عقلانيًّا ليس منطقيًّا دفع 8000 $ على الشخص الواحد مقابل السفر في مراكب بات احتمال غرقها معروفًا لدى القاصي والداني..ولئن كان الراشدون يتحملون مسؤولية تصرفاتهم فما ذنب الأطفال الإبحار بهم موتًا؟ ورب العائلة الذي يتمكن من تأمين مبلغ 32000$ ثمن تذاكر 4 أشخاص بإمكانه القيام بأي شيء آخر والبحث عن حلول غير قتل عائلته والإنتحار…
للصحافية نادين خزعل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock