اقلام وافكار حرة

سهى خيزران: أهمية دور المرأة في نشر الوعي البيئي

كتبت سهى خيزران:

يصادف عام 2023 الذكرى الخمسين للاحتفال باليوم العالمي للبيئة، أنشأته الجمعية العامة للامم المتحدة عام 1972، وعلى مدى العقود الخمسة الماضية وبقيادة برنامج الامم المتحدة للبيئة، حتى أصبح اليوم العالمي للبيئة احد اهم اكبر المنصات العالمية للتواصل البيئي.

البيئة هي كل ما يحيط بنا، من ماء وهواء وتراب، ايضا النباتات والحيوانات، لهذا من الضروري المحافظة على البيئة بطريقة فعالة حتى تستطيع البناتات والحيوانات ان تقدم للانسان وللطبيعة افضل ما عندها.

البيئة اصبحت في وضع صعب جدا، خاصة في ظل ما نعيشه نحن في لبنان من غياب تام لكافة مؤسسات الدولة في تقديم الخدمات للمواطن وللبلد، واهم هذه الخدمات المحافظة على الموارد المائية وتأمين حاجة المواطنين من مياه الشرب ومياه الري، كذلك العمل على تقديم خدمات النظافة العامة والمحافظة على مظهر البلد الجميل الذي طالما تغنى به الشعراء والكتاب بجمال طبيعته وكثرة ينابيعه وهواءه النقي، البيئة السليمة النظيفة والصحة امران متلازمان للنهوض بمجتمع سليم صحي.

التلوث احاط بالبيئة وبكافة عناصرها، الهواء ملوث نتيجة عدم اتباع ادنى معايير السلامة من ناحية الحرائق التي تحصل بين الحين والآخر والدخان المتصاعد من بعض المصانع والمولدات وايضا من الدخان الملوث الناتج عن عوادم السيارات والمصيبة الاكبر في التلوث هي بسبب اكوام النفايات المتواجدة في كل مكان (نفايات منزلية ونفايات طبية) والتي تتفاعل فيما بينها خاصة مع بداية فصل الصيف وارتفاع درجة حرارة الطقس، التربة ايضا ملوثة بسبب تلوث المياه وكثرة النفايات المتواجدة على الطرقات حتى في السهول وبعض الجبال، مياه البحر نالها نصيب كبير من التلوث بسبب ما يتم القاؤه فيها من نفايات وتسرب مياه الصرف الصحي الى البحر، امام هذا الواقع الاليم اصبح لزاماً على المواطن الاهتمام بالبيئة، اقله من باب المحافظة على حياته وحياة اطفاله، المحافظة على نظافة البيئة ليست مجرد واجب اجتماعي، بل هي جزء اساسي من نمط حياة صحي ومستدام.

تقول الدكتورة نجاة صليبا، وهي دكتورة في الكيمياء التحليلة ومديرة مركز حفظ البيئة في الجامعة الامريكية في بيروت، “ان التخفيف من آثار تغير المناخ، مهما كان محدودا، يبدأ محلياً، كما انه ثَبُت أن المساحات الخضراء يمكن أن تمتص تلوث الهواء، وأدرك أنه لا يمكننا إزالة المولدات العاملة على الديزل الآن، لكن ما يمكننا فعله هو خلق ثقافة المساحات الخضراء” كما تؤكد د.صليبا “على الدور القيادي الاساسي للمجتمعات المحلية في الكفاح من اجل عالم اكثر عدلا وإستدامة”.

بقاء البيئة على هذه الحال من التلوث قد تشكل خطرا كبيرا على الجنس البشري بشكل عام، لذا لا بد من إتخاذ خطوات جادة للمحافظة على البيئة، ومن اهم هذه الخطوات هي تعليم أبنائنا كيفية المحافظة على البيئة وخلق الوعي البيئي لديهم والعمل على تشجيعهم من خلال خطوات عملية من انشطة في الطبيعة وكيفية المحافظة على النباتات ورعايتها وزراعة بعض النباتات الجميلة مع التركيز على زراعة الاشجار لما لها من فائدة كبيرة في المساعدة على نقاء الهواءء واضفاء رونق جميل على الامكنة، كذلك الاهتمام بالحيوانات ورعايتها، ايضا التدريب على كيفية الفرز من المصدر وغيرها، وهنا يقع العاتق الاكبر في هذه المهمة على المرأة، الام.

بطبيعة الحال نستذكر هنا الشاعر احمد شوقي، الذي قال:

الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتها أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ

الأُمُّ رَوضٌ إِن تَعَهَّدَهُ الحَيا بِالرِيِّ أَورَقَ أَيَّما إيراقِ

الأُمُّ أُستاذُ الأَساتِذَةِ الأُلى شَغَلَت مَآثِرُهُم مَدى الآفاق

المرأة نصف المجتمع، عبارة دائما يتم تداولها في بداية اي خطاب عن الام او عن الطفل وايضا في بداية اي خطاب سياسي إنتخابي لشد العصب النسائي، ولكن علينا ترجمتها بشكل صحيح على ارض الواقع، كافة أطياف المجتمع متفقة ان المرأة تمثل نصف المجتمع، لهذا يقع على عاتقها دور أساسي في التربية البيئية السليمة وحماية افراد الاسرة من تأثير الاضرار المحتملة من سلبيات العوامل البيئية مما يقلل من معدلات الاصابة بالامراض الصحية وحتى النفسية، من هنا جاءت اهمية دور المرأة وحثها على المشاركة الفعلية في انشطة وبرامج التوعية البيئية، لما سيكون له دور كبير في الحد من التلوث البيئي، دور الاب لا يقل اهمية عن دور الام، خاصة بما يمثله من مثال يحتذى به من قبل عائلته وتحديدا الاطفال، بالطبع يبقى دور الام له فعالية اكثر في البيت بما انها المتابعة الدائمة لشؤون المنزل والاطفال.

الوعي البيئي لدى اي إنسان امر مهم، ويُعتبر الخطوة الاولى لمجتمع يتبنى الممارسات البيئية الصحية، ويرغب في تغير سلوك مواطنيه، تغير سلوك الفرد يبدأ من اسلوب تعامل الاسرة مع الموارد الطبيعية المتوفرة في المنزل، مثل الماء والطعام والطاقة، عدم الاسراف في الطعام وترشيد استهلاك المياه والطاقة، ايضا اعادة تدوير الثياب او الادوات المنزلية او… وكل ما من شأنه ان يقلل من إنتاج النفايات وبالتالي يقلل من التلوث البيئي، لهذا نركز على تمكين المرأة بحيث نجعل لها مكانا ودورا اساسيا في القضايا البيئية بمساندة ومساعدة ودعم من الرجل، الحفاظ على البيئة واجب وطني، ودليل إنتماء الانسان لوطنه تكون في المحافظة على البيئة المحيطة به حيث يعيش.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock