أخبار عربية ودولية

البناء: اللجنة العربية حول سورية بقيادة مصر والسعودية: عُمان للسياسة والإمارات للإعمار والأردن للأمن

لم تنم سورية على حرير الانفتاح في العلاقات العربية ولا توهّمت أن المنّ والسلوى سوف يأتيان إليها بمجرد استعادة مقعدها في الجامعة العربية، فدمشق وقيادتها وشعبها على وعي تامّ أن الحرب التي تقودها واشنطن منذ أكثر من عشر سنوات ضد سورية لم تنته، بدليل بقاء القوات الأميركية بل تعزيزها، والإصرار على نهب الثروات النفطية السورية وتشجيع مشاريع الانفصال تحت عناوين عرقية وطائفية في الشمال والجنوب، لذلك حزمت سورية أمرها بالتنسيق والتعاون مع حلفائها والاعتماد على طاقات شعبها انطلقت مقاومتها الشعبية بوجه الاحتلال الأميركي، فهو أصل مصائب سورية ومعاناة شعبها وتهديد مصالحها العليا. وهذا التحول النوعي فرض نفسه على المشهد الإقليمي وصار التحرك العربي الذي كان ينظر إليه الأميركيون بعين الريبة والتحذير مطلباً أميركياً لإبقاء جسور التواصل قائمة مع سورية، ومواكبة ما سينتج عن نمو وتصاعد المقاومة، وهذا ما ظهر في اجتماعات اللجنة العربية حول سورية، التي كانت قد جُمّدت بضغط أميركي، وعادت لتنعقد وتطرح فيها مشاريع تنشيط الحل السياسيّ، والبحث عن آليات لضمان برمجة عودة النازحين وإعادة إعمار البنى التحتية اللازمة لعودتهم، والترتيبات الأمنية التي يجب السير فيها للتعاون مع أجهزة الدولة السورية في مواجهة الإرهاب وعصابات تهريب المخدرات. وقالت مصادر عربية رافقت عمل اللجنة في اجتماع القاهرة قبل يومين، إن الاتفاق على قيادة مصرية سعودية لعمل اللجنة، ترافق مع البحث بتشكيل لجان متخصصة للملفات السياسية والإسكانية والأمنية، وتم التداول بضرورة البحث عن أسماء لرئاسة هذه الفرق، وقالت المصادر إن الأرجح هو إسناد اللجنة السياسية لعُمان، ولجنة الإعمار لدولة الإمارات واللجنة الأمنية للأردن، على ان تضع اللجان بالتنسيق مع المسؤولين السوريين تصورات يجري بحثها على مستوى القيادات السياسية المعنية.
إقليمياً، أيضاً أظهر اللقاء الذي جمع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ووزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، المكانة المحورية إقليمياً للتفاهم السعودي الإيراني، وعزم الدولتين على المضي قدماً بتعزيز التعاون الثنائي على أعلى المستويات اقتصادياً وأمنياً، بما يتناسب مع مكانة الدولتين، والحاجة لملء الفراغ الناجم عن تراجع قدرة القوى الدولية على ضمان الاستقرار. وقالت مصادر متابعة للقاء ابن سلمان وعبد اللهيان الذي استمرّ لساعة ونصف إن الملفات الإقليمية نالت قسطاً مهماً من اللقاء أيضاً، ضمن ترتيبات الزيارة المتوقعة للرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي الى الرياض، مشيرة إلى أن اليمن الذي تحرك ملف الصراع فيه الى الواجهة وارتفع صوت تهديدات قيادته باللجوء الى التصعيد إذا لم تتقدم الحلول، كان وسيبقى الملف الأهم والمحرك الأقوى لصناعة التسويات في المنطقة.

لبنانياً البارز هو الارتباك في صفوف حلف انتخاب المرشح ميشال معوّض الذي اتخذ موقفاً سلبياً من دعوة المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان، فهذا الحلف الذي أصدر بياناً سلبياً من رسالة لودريان مرتبك في المضي قدماً بسلبيته مع مخاوفه من تقدم الحوار بين التيار الوطني الحر وحزب الله وفرضية انتقال التيار إلى التصويت للمرشح سليمان فرنجية، بحيث تصبح الدعوة التي تطلقها هذه القوى لعقد جلسات انتخاب متتالية حتى انتخاب رئيس مجرد طريق سالك أمام فرنجية للوصول إلى الرئاسة.

وختم الأسبوع السياسي آخر أيامه على تصعيد بين الأطراف السياسية والكتل النيابية حول الجلسات التشريعية، وعلى أزمة كهربائية مفتوحة على كافة الاحتمالات من ضمنها العتمة الشاملة، فيما لا جديد على المستوى الرئاسي في انتظار عودة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الى لبنان مطلع الشهر المقبل لإعادة تحريك المبادرة الفرنسية، وعلمت «البناء» أن رئيس مجلس النواب نبيه بري وبعد زيارة لودريان سيدرس النتائج وقد يدعو الى جلسات متتالية لانتخاب الرئيس.

وأشارت مصادر مطلعة لـ»البناء» الى أن الظروف الإقليمية والدولية والمحلية غير ناضجة بعد لانتخاب رئيس للجمهورية بانتظار جملة معطيات إيجابية خارجية تتقاطع مع خرق ما في جدار الأزمة الرئاسية من خلال تراجع بعض الأطراف السياسية الداخلية أو تسوية داخلية تؤدي الى انتقال كتلة نيابية وازنة من ضفة الى أخرى، مثل أن ينجح الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر ويصوّت تكتل لبنان القوي الى الوزير السابق سليمان فرنجية، وتتأمن الأكثرية النيابية فيما يؤمن تكتل الاعتدال الوطني وكتلة اللقاء الديمقراطي وبعض المستقلين النصاب». ولفتت المصادر الى أن «الحوار بين التيار والحزب هو المسار الوحيد حالياً الذي قد يخترق جدار الرئاسة الحديدي، بالتوازي مع انفراج إقليميّ قد يكون من النافذة السعودية – الايرانية». وعوّلت المصادر على زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الى السعودية حيث التقى أمس ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في جدة، متوقعة «استمرار مسار الانفراجات على الساحة الإقليمية بعد الزيارة المرتقبة للرئيس الايراني ابراهيم رئيسي الى السعودية». وشددت المصادر على أن زيارة عبداللهيان الى السعودية أكبر دليل على ثبات الاتفاق الايراني السعودي الذي وقع في الصين في شباط الماضي، وذلك بعدما راهن كثيرون على نهايته. وتوقعت المصادر أن ينعكس هذا المناخ الإقليمي إيجاباً على لبنان، لكن لن تظهر نتائجه سريعاً لوجود جدول أولويات بين طهران والرياض. لكن المصادر «دعت الأطراف السياسية الى عدم ربط الرئاسة في لبنان والأزمة اللبنانيّة بمسار تنفيذ اتفاق بكين والتجاوب مع الدعوة الفرنسية للحوار والبحث عن تسوية تؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية»، وترجّح المصادر أن يتجمّد الملف الرئاسي حتى مطلع العام المقبل.
وعلمت «البناء» من مصادر مواكبة للعلاقة بين الحزب والتيار أن «الحوار يحصل على نار باردة ويحتاج إلى وقت لكي تظهر نتائجه لأنه يناقش بالتفصيل وبالعمق قضايا أساسية تتعلق بالمرحلة المقبلة والعهد المقبل وإدارة الدولة، مشيرة الى أن الحوار لا يزال في بداياته وقد يؤدي الى نتيجة وقد يتم الاتفاق على بنود وخلاف على بنود أخرى. إلا أن اللامركزية المالية الموسّعة هي العقدة الأساسية الذي تعيق الحوار، لكن يجري البحث في صيغة وسطية ترضي الطرفين ويطرح على القوى السياسية الأخرى». كما علمت «البناء» أن حزب الله وحركة أمل يرفضان اللامركزية المالية الموسّعة بالصيغة التي قدمها رئيس التيار النائب جبران باسيل في الورقة التي سلمها الى قيادة الحزب. كما تتكتم مصادر الطرفين وفق معلومات «البناء» على مجريات الحوار.

لكن أوساطاً نيابية داعمة لترشيح فرنجية استغربت بيان مكتب الوزير باسيل الأخير الذي نفى أن يكون الحوار مع الحزب يتقدّم باتجاه انتخاب فرنجية، وأنه مستمر بالتزامه مع فريق التقاطع بدعم ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، مشيرة لـ»البناء» الى أن بيان باسيل إما مناورة لتعزيز موقعه التفاوضيّ مع الحزب وإما تعتيم مقصود على نتائج الحوار لحماية الحوار، وإما انعكاس لتعثر الحوار بسبب رفض الحزب وأمل لأحد بنود الورقة لا سيما اللامركزية المالية الموسّعة، أو اتصالات خارجية تلقاها باسيل فرملت اندفاعته باتجاه الحوار الرئاسي مع الحزب.
وأسف رئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله» الشيخ محمد يزبك لأن «السياسيين والمسؤولين لم يحركهم ما آلت إليه أمور اللبنانيين. ولا يُخفى على أحد أن لبنان نظامه محكوم لديموقراطية توافقية فرضتها تركيبته وتنوعه الطائفي، وهذا يفرض على الجميع التوافق على انتخاب رئيس تناط به قيمومة على الدولة ومؤسساتها، ولا يجوز لأحد أن يتنصل من المسؤولية، وليس بمقدور الخارج أن يفرض أو يقدّم حلا ما لم يتوافق اللبنانيون، فالمسؤولية أولاً وآخراً على عاتق اللبنانيين، وقدرهم التوافق».
على صعيد آخر، وبعدما تعهّد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي للشركة المشغلة لمعملي الزهراني ودير عمار بالدفع لها من حقوق السحب الخاصة في صندوق النقد الدولي، حصل توتر كهربائي بين وزارتي الطاقة والمالية على خلفية أموال الباخرة المحملة بالفيول لتشغيل المعامل.

ولفتت وزارة الطاقة والمياه إلى أن «أموال الباخرة مرصودة من ضمن مبلغ الـ300 مليون دولار بقرار من الحكومة الصادر في الجريدة الرسمية في كانون الثاني المنصرم، ولم يُحجز منها إلا 193 مليون دولار إلى الآن، ويبقى 107 ملايين دولار». وأشارت إلى أنّ «خطاب الاعتماد الأخير الخاص بباخرة الفيول بقيمة 58 مليون دولار، لا 80 مليوناً، وهو مصادق عليه من وزير المال ويطلب فيه من المصرف المركزي تنفيذه».
بدورها، ردت وزارة المالية على وزارة الطاقة موضحة أنّ «وزارة المالية قامت بما هو متوجب عليها، وقد أحالت طلب فتح اعتماد مستندي بمبلغ قدره ٥٨،٨٧٧،٩٤٦ مليون دولار اميركي لصالح شركة coral energy dmcc منذ مطلع الأسبوع ولم يحصل أي تأخير في ذلك. وبالتالي يبقى على الوزارة المعنية بالإضاءة الكشف للرأي العام لماذا حصل التأخير إلى الآن وألاّ تتعمد التعتيم على الاعتبارات التي تسببت بذلك بينها وبين مصرف لبنان. وخلاف ذلك، يُعتبر تضليلاً”. ولفتت إلى أن “أموال الباخرة مرصودة من ضمن مبلغ الـ300 مليون دولار بقرار من الحكومة الصادر في الجريدة الرسمية في كانون الثاني المنصرم، ولم يُحجز منها إلا 193 مليون دولار إلى الآن، ويبقى 107 مليون دولار”. وأشارت إلى أنّ “خطاب الاعتماد الأخير الخاص بباخرة الفيول بقيمة 58 مليون دولار، لا 80 مليوناً، وهو مصادق عليه من وزير المال ويطلب فيه من المصرف المركزي تنفيذه”.

الى ذلك، يتوجّه حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري إلى السعودية في أيلول المقبل، حيث سيكون له برنامج لقاءات.
على مقلب آخر، عادت إلى الواجهة حادثة الكحالة من بوابة التحقيقات القضائية والعسكرية الجارية، وأفيد أن طلب مخابرات الجيش اللبناني الاستماع الى إفادات عددٍ من المعنيّين بإشكال الكحالة جاء بهدف التوسّع بالتحقيق، ولم يأتِ على خلفيّة سياسيّة أو طائفيّة، كما فسّره البعض، خصوصاً أنّ الطلبات شملت المعنيّين من مختلف المناطق والجهات، كشهودٍ عيان. وعلم أنّ مخابرات الجيش تواصل التحقيقات معتمدة على أشرطة الفيديو وما سجّلته كاميرات المراقبة، بالإضافة الى التحقيق مع شهودٍ كانوا في المكان، سواء شاركوا في الإشكال أو لم يشاركوا. وأفيد أيضاً أن “استخبارات الجيش استمعت إلى عدد من الاشخاص الذين كانوا يواكبون الشاحنة التابعة لحزب الله التي انقلبت على كوع الكحالة”.
لكن بلدية الكحالة وتحت ضغوط سياسية مورست عليها، أعلنت في بيان “لا يجوز أن يبدأ التحقيق بمساءلة الناس العزل المتواجدين آنذاك من أبناء الكحالة، عوض التركيز على المجموعة المسلحة التي فتحت نيران أسلحتها الرشاشة عليهم لترهيبهم، وهذا ما حاول صدّه الشهيد فادي بجاني الذي سقط برصاص المسلحين المدنيين، حيث الأدلة واضحة بالصوت والصورة”.

وواصل حزبا القوات والكتائب حملة التحريض والعزف على وتر الفتنة في حادثة الكحالة، وانبرى النائب سامي الجميّل لرفض التحقيقات الأمنية القضائية والتحريض عليها رغم كل الشعارات التي يرفعها وتنادي بدعم مؤسسات الدولية والجيش اللبناني، وقال الجميل: “استدعاء أهالي الكحالة المعتدى عليهم في عقر دارهم مرفوض”. وتابع “حذار الاستمرار بضرب المساواة بين اللبنانيين، وحذار أن ينجر القضاء ليكون شاهد زور”.
وبعد اتهام رئيس القوات سمير جعجع حزب الله بمقتل الحصروني في عين ابل، كان لافتاً إعلان القوات في بيان أن كل ما يساق عن الحادثة هو “تضليل للرأي العام واستباق لنتائج التحقيقات الرسمية”!
وكانت مصادر وضعت مقتل الحصروني في إطار خلافات حزبية داخلية.
وفي خطوة خطيرة ومشبوهة تتماهى مع خطة تهجير اللاجئين من مخيم عين الحلوة إثر الاشتباكات المسلحة الأخيرة وتصبّ في خدمة مشروع شطب حق العودة ودمج اللاجئين في المجتمع اللبناني بمنحهم إقامات وحق العمل والملكية، على غرار دمج النازحين السوريين، قررت الأونروا تعليق جميع خدماتها داخل مخيم عين الحلوة بذريعة “استمرار تواجد مسلحين في منشآتها في المخيم بما في ذلك المدارس”. وأكدت الوكالة أنها لا تتسامح إطلاقاً مع اي انتهاك لحرمة وحياد منشآتها ومن غير المحتمل أن تكون المدارس في المخيم جاهزة لاستقبال 3200 طفل بداية العام الدراسي المقبل بالنظر الى الانتهاكات المتكررة، بما فيها تلك التي حصلت في الماضي، والأضرار الكبيرة التي أُفيد عنها. وجددت الأونروا دعوتها للجهات المسلحة للإخلاء الفوري لمنشآتها لضمان تقديم المساعدة الملحة للاجئي فلسطين دون أي عوائق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock