اقلام وافكار حرةصيدا والجنوب

“مش طبيعي” حملة دينية تستهدف المثليين في لبنان.. “قبل أن تغرق مدينة صيدا”

“مش طبيعي”
لفت تزامن رفع بلدية صيدا رعايتها للحفل الترفيهي، مع إقامة مؤتمر في قاعتها يحمل عنوان “الشذوذ طبيعي أم انحراف؟!”، عن ذلك علّق البساط في حديث لموقع “الحرة” “البلدية لا ترعى المؤتمر، هو فقط سيقام في قاعتها بعد طلب منظميه ذلك، وذلك كأي نشاط يجري فيها، وليس من رابط بين الإثنين”.

قبل مدة، أطلقت صفحة “مش طبيعي” على فايسبوك، حيث بدأت بطرح علامات استفهام من خلال منشورات، منها “شو هوي المش طبيعي؟!”، قبل أن تجيب بعد أيام بمنشور “الفطرة شي طبيعي، الشذوذ مش طبيعي”، و”وين ما تروح قول عن الشذوذ مش طبيعي”، ولم تقتصر الحملة هجومها على صفحات السوشيال ميديا بل تعدت ذلك إلى شوارع المدينة من خلال رفع يافطات اعلانية تروّيجية.
محاولات عدة أجراها موقع “الحرة” للحصول على تعليق من أعضاء الحملة ومنظمي المؤتمر، لكن من تم التواصل معهم رفضوا الحديث، إلى أن أكد الشيخ فادي رنو (من المنظمين) أن الأمر لا علاقة له بالرفض بل هي “سياسة إدارية.. من حقنا”، مؤكداً “كل الأسئلة ستتم الإجابة عنها في المؤتمر”.

وزوّد الشيخ رنو موقع “الحرة” بمقطع تعريفي عمن يقف خلف الحملة، جاء فيه “نحن فريق تطوعي متنوع من مؤسسات وروابط وجمعيات ومجموعات من المجتمع المدني ولجان أهلية ومسجدية وثقافية، جمعتنا الرغبة في التوعية بمخاطر آفة الشذوذ والترويج لها، وبيان أثرها على الفرد والأسرة والمجتمع”.

ويضيف المقطع التعريفي “انطلقنا من واجبنا الديني والإنساني والقيمي، لنلبي نداء الفطرة السليمة ونواجه هذه الآفة من خلال عرض الحقائق العلمية والشرعية بالحوار والكلمة الطيبة والخطاب العقلي”، ومن المقرر أن يناقش المؤتمر بحسب ما ورد في الدعاية الترويجية له، العنوان الذي يحمله أي “الشذوذ طبيعي أم انحراف؟!” وذلك من النواحي الدينية والطبية والنفسية والقانونية.

الهجوم على مجتمع الميم عين، ليس جديداً في لبنان، ففي شهر يونيو الماضي صوبت المرجعيات الدينية سهامها على أفراده، منهم مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان الذي جزم أن “دار الفتوى لن تسمح بتشريع المثلية الجنسية، ولا بتمرير مشروع الزواج المدني المخالف للدين الإسلامي ولكل الشرائع، هذه ثوابت دار الفتوى والمسلمين جميعاً في لبنان”.

الضغط الذي مورس على وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي من قبل المرجعيات الدينية، دفعه إلى توجيه كتاب في 24 يونيو الماضي، إلى مديريتي الأمن الداخلي والأمن العام طالباً منهما اتخاذ الإجراءات اللازمة على الفور لمنع أي نوع من الاحتفالات أو الاجتماعات أو التجمعات التي تروج لـ”الشذوذ الجنسي” كما وصف، مشيراً إلى أن هذه الظاهرة “تتعارض مع عادات وتقاليد مجتمعنا والمبادئ الدينية “رافضاً “التذرع بالحرية الشخصية”.

لا يرى المدير التنفيذي لمؤسسة حلم، طارق زيدان، أن حملة “مش طبيعي” مستقلة عن الحملات التي أطلقت في مصر والكويت ضد مجتمع الميم عين في الأسابيع الماضية، والتي جرى حذفها من مواقع التواصل الاجتماعي كونها مبنية على خطاب الكراهية والخرافات، حيث أن الهدف منها خلق ذعر أخلاقي ووهمي من الفئات الأكثر تهميشاً في المجتمعات العربية”.

ويطرح زيدان في حديث مع موقع “الحرة” علامات استفهام حول توقيت هذه الحملة في لبنان، “ففي ظل الظروف الإقتصادية الصعبة يبدو واضحاً مدى التمويل الذي تحظى به، سواء من خلال تصميم الصور الترويجية أو الإعلانات على الطرق، فهل هذا التمويل محلي”؟ كذلك يطرح علامات استفهام حول مكان انعقاد المؤتمر الذي تنظمه الحملة قائلاً “لماذا اختيرت قاعة بلدية صيدا، لاسيما بعدما ألغت رعايتها لحفل ترفيهي”؟!

“الحريات على المحك”
تشجع حملة “مش طبيعي” كما ترى جربوع “على خطاب الكراهية والتحريض ضد المثليين، وهي تأتي في سياق ملاحقة ومهاجمة مجتمع الميم عين، حيث شهدنا في الفترة الأخيرة تصاعد تلك الحملات، وتحديداً منذ شهر يونيو أي شهر الفخر، سواء كان ذلك في لبنان أو في عدد من الدول العربية، كحملة فطرة في مصر”.

في الوقت الذي يطالب فيه مجتمع الميم عين كما يقول المدير التنفيذي لمؤسسة حلم “بحقوقه في التعليم والعمل والسكن والطبابة وعدم زج أفراده في السجون، ويتهم بأنه يعمل وفق أجندات خارجية، يوجه أصبع الإتهام إلى حملة (مش طبيعي) وغيرها من الحملات التي تشن ضد المثليين، بأنها مدعومة مادياً من إحدى الدول الخليجية التي أتحفظ عن ذكر اسمها كوني لا أملك حتى الآن أي اثبات على ذلك، وإلى حينه سنصدر بياناً تفصيلياً”.

وأبدى زيدان تعجبه من عدم دعوة أي ناشط من مجتمع الميم عين لجلسة النقاش في المؤتمر، قائلاً “من غير المنطقي على سبيل المثال أن يعقد مؤتمر حول حقوق المرأة من دون وجود ولا سيدة لإبداء رأيها، وفوق هذا أصدرت الحملة حكمها مسبقاً على المثليين فما الذي ستناقشه بعد”؟!

أحد أهداف الحملات التي تشن على مجتمع الميم عين في لبنان بحسب ما يقوله زيدان “صرف الأنظار عن الواقع المعيشي المزري الذي يعاني منه غالبية اللبنانيين، وذلك نتيجة القرارات الإقتصادية التي تتخذها المنظومة بشقيها الديني والسياسي” ويشدد “كل الحريات في مرمى مدافع هذه السلطة، فالتهجم على المثليين هو الضربة الأولى لقصف مطالب الزواج المدني والقانون الموحد للأحوال الشخصية، وقد بدأ ذلك من خلال التحذير من خرافة زواج المثليين وسفاح القربى، في استخفاف غير محدود بعقول المواطنين”.

وكانت الأمم المتحدة عبّرت في يونيو الماضي عن قلقها “إزاء تصاعد خطاب الكراهية وتزايد حالات التمييز والعنف تجاه أفراد مجتمع الميم والمنظمات التي تُعنى بهم في لبنان”، مشجعة “الحكومة اللبنانية على احترام التزاماتها الوطنية والدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، بما في ذلك الإلتزام بصون حقوق جميع الناس في حرية التجمّع والتعبير وتكوين الجمعيات، بغض النظر عن ميولهم الجنسية أو هويتهم الجنسانية أو تعبيرهم الجنساني أو خصائصهم الجنسية”.

كما حثّت السلطات اللبنانية “على الوفاء بالتزاماتها بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي وقّع عليه لبنان، ومنع ممارسة التمييز على أساس الميل الجنسي والهوية الجنسانية والتعبير الجنساني”.

تشكّل الحملات التي تشن على مجتمع الميم عين كما يشدد زيدان خطراً على أفراده “هناك عدد كبير منهم يقيمون في مختلف المناطق اللبنانية، فهم جزء من نسيج المجتمع وعنصر فعّال فيه، وبعد عمليات غسل عقول المواطنين ضدهم، نخشى على حياتهم لعدم استطاعتهم الدفاع عن أنفسهم في حال تعرضهم لأي نوع من أنواع الأذى”، وهو ما أكدته جربوع.

وتأسفت الباحثة في مؤسسة سمير قصير على “ممارسة المجتمع مختلف أشكال القمع لصالح تيارات التشدد والتطرف” وما هو متوقع كما تقول “ازدياد منسوب التضييق الفني والغنائي”.

الحريات في لبنان على المحك، كما تؤكد جربوع، “يوميا نتفاجأ بمحطة جديدة من محطات القمع وتكميم الأفواه، وبخسارة معركة جديدة أمام التطرف والكراهية ورفض الآخر”.
اسرار شبارو

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock