اقلام وافكار حرة

هل انسحبت “نوفاتيك” ودّياً؟

عبدالله قمح – الأخبار

في كتاب رسمي وجّهته إلى وزارة الطاقة في 30 حزيران الماضي، أعربت شركة «نوفاتيك» الروسية، عن رغبتها في الانسحاب من تحالف الشركات الملتزمة التنقيب عن النفط في البلوكين 4 و 9، بحلول موعد انتهاء مدّة الاستكشاف الأولى المحدّدة في 22 تشرين الأول المقبل. وبرّرت الشركة رغبتها بالإشارة إلى «الوضع المالي والاقتصادي» فضلاً عن «المخاطر السياسية العالمية». ورغم أن الانسحاب فُسّر بأبعاد سياسية واقتصادية محلية ودولية، إلا أنه بدا مدروساً ومنسّقاً مع شركاء التحالف «إيني» و«توتال إينرجي».
أثار هذا القرار خضّة، لا سيما أن انسحاب شركة روسية يمكن تفسيره جيوسياسياً، سواء لجهة انفجار الحرب في المنطقة، أو تداعيات أخرى متّصلة بإعادة تموضع استراتيجي للشركات العاملة في حوض المتوسط في سياق الحرب الروسية – الأوكرانية، وهذا ما يعني في كل الأحوال، أنه ستكون هناك تعقيدات أوسع في البلوكات اللبنانية.
تقول مصادر مطلعة، إن القرار «مدروس ومحبوك بشكل جيّد، وهذا ما يعني أن التفسيرات والربط قد يكون مبالغاً فيه بشكل واسع». فالمسألة ربما تتعلق بقدرة «نوفاتيك» على الاستمرار في ظل العقوبات الأميركية، ولا سيما أن الاستمرار قد يتطلب منها ضخّ سيولة كبيرة. كذلك، يمكن الإشارة إلى أن نوفاتيك ليست سوى شريك استثماري، أي أنها ليست شريك تنفيذي، بالتالي فإن الجدوى من وجودها أصلاً ضمن هذا التحالف هو الوجود الروسي لتحقيق عوائد استثمارية حصراً، بخلاف وجود «روزنفت» في لبنان التي تقوم بأعمال تنفيذية.
بالنسبة للجانب اللبناني، فإن بنود العقد واضحة وهي تتضمن خيارين: السماح لشركاء التحالف بالاستحواذ على حصّة «نوفاتيك»، أو استحواذ الدولة اللبنانية على حصّتها ثم بيعها لشركة ثالثة.فالبند 5 من المادة 36,2 من اتفاقيتي الاستكشاف والإنتاج العائدتين للرقعتين 4 و 9 الصادر نموذجهما بالمرسوم 43/2017، يعطي الحقّ لوزارة الطاقة في الاستحواذ على الحصّة. وفي هذه الحالة يختار الوزير أن تقوم الدولة، أو أي كيان مملكوك بالكامل من قبلها شرط أن يكون قادراً مالياً على الالتزام بموجباته، أن يأخذ تنازلاً جبرياً عن كامل نسبة مشاركة «نوفاتيك». كما يمكن، أن تستحوذ الشركتان على حصّة «نوفاتيك» بناءً على قرار من وزارة الطاقة وبالاتفاق معها.
وحتى الآن، لا يبدو واضحاً من هي الجهة ذات المصلحة في الاستحواذ على حقوق «نوفاتيك». على جدول الأعمال ثمة مجموعة جهات تعد «هيئة إدارة قطاع البترول» واحدة منها، ويعود إليها تقديم اقتراحات في هذا الشأن. يُطرح سياسياً معلومات عن شركات محسوبة على دولة قطر قد ترغب في أداء دور ما في هذا المجال. في المقابل، نقل عن تركيا استعدادها للمشاركة في «كونسورتيوم» توتال وإيني. لاحقاً جرى «تكذيب المعلومات» التي قيل إن مسؤولاً لبنانياً نقلها. غير أن المعلومات تفيد بأن أنقرة التي علمت بخروج «نوفاتيك» قبل مدة، قد تكون لديها مصلحة بالمشاركة وبالفعل قد تكون مستعدة لتقديم عرض جدّي. ما يعزّز احتمال ما تقدم، عودة العلاقات الثنائية بين أنقرة و تل أبيب إلى ما كانت عليه قبل عام 2011، وهذا يخدم الشركات التركية، الساعية إلى جانب أنقرة، في تأمين حضورها ضمن محيط المتوسط الواعد بالغاز، لا سيما أن تركيا تمتلك أباراً واعدة بدورها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock